إقليمية
السبت ١٩ نيسان ٢٠٢٥ - 20:30

المصدر: اندبندنت عربية

زيارة عباس إلى دمشق تطوي “حقبة الهيمنة السورية”

ملخص

الزيارة تشير إلى “تفاهم ثنائي على طيّ صفحة انحياز النظام السابق إلى كثير من المنشقين والفصائل الفلسطينية وتمكينهم من مقدرات حركة فتح في سوريا”.

لم تكُن دمشق التي زارها الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمس الجمعة كالتي زارها آخر مرة عام 2010، فالقيادة السورية الجديدة وبحسب تصريحاتها الرسمية “دشنت مرحلة تاريخية تقطع مع سياسة نظام الأسدين القائمة على محاولة الهيمنة على الورقة الفلسطينية”، و”كرّست الزيارة مرحلة جديدة في التعامل بين البلدين تراعي مصالح الطرفين، وسوف تدفع العلاقات الثنائية بين سوريا وفلسطين بما يعزز المصلحة المشتركة”.

وكشف عضو اللجنة التنفيذية لـ”منظمة التحرير الفلسطينية” أحمد مجدلاني لـ “اندبندنت عربية” عن أن سوريا في ظل العهد الجديد “لن تكون مكاناً لأية قوى معارضة فلسطينية أو غير فلسطينية، وكل القوى التي كانت في السابق تحت مظلة النطام السوري المدعوم من إيران لم يعُد لها وجود فعلي ورسمي في سوريا الجديدة”.

وبحسب مجدلاني الذي رافق عباس خلال زيارته إلى دمشق، فإن النهج الجديد للقيادة السياسية الجديدة في سوريا يشكل “مصدر ارتياح رسمي فلسطيني لأنه يقطع مع أكثر من 50 عاماً من رغبة دمشق في الهيمنة على القرار الوطني الفلسطيني”.

واعتبر مجدلاني ذلك “تحولاً تاريخياً ومصدر ترحيب من ’منظمة التحرير الفلسطينية‘ لأن القيادة السورية الجديدة ستتعامل فقط مع دولة فلسطين وسفارتها لدى سوريا”، موضحاً أن هذا القرار “اتخذه الرئيس السوري أحمد الشرع بناء على رؤيته لدور سوريا ومكانتها”.

وخلال الزيارة اتفق الرئيسان عباس والشرع على “تشكيل لجان مشتركة تهدف إلى تعزيز العلاقات الثنائية والتعاون في مختلف المجالات بين البلدين”.

ووفق مجدلاني فإن تلك اللجان المشتركة تتعلق بـ”التشاور السياسي وتطوير العلاقات الاقتصادية وأوضاع مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في سوريا وممتلكات ’منظمة التحرير الفلسطينية‘ وحركة ’فتح‘ في سوريا”.

وحول تلك الممتلكات أشار مجدلاني إلى وجود “حلحلة تتيح عودتها لـ’منظمة التحرير‘ وحركة ’فتح‘ بعد عقود من سيطرة النظام السوري والفصائل الفلسطينية التابعة له عليها”.

ومع أن “منظمة التحرير” التي يترأسها محمود عباس لم تقطع علاقاتها مع نظام الأسد حتى سقوطه، لكنها كانت “علاقة الحد الأدنى في محاولة للحفاظ على مصالح الفلسطينيين”، كما قال مجدلاني.

وخلال اللقاء في قصر الشعب بدمشق هنأ الرئيس الفسطيني نظيره السوري “على نجاحه وإنجازاته نحو سوريا الجديدة التي يتمناها الشعب السوري، متمنياً لسوريا وشعبها الشقيق مزيداً من الاستقرار والازدهار في ظل وحدة الأرض والشعب”.

وأشار عباس إلى أن “علاقات الأخوة الراسخة منذ الأزل تجمع بين الشعبين الفلسطيني والسوري، وما زلنا نقدر بكل العرفان استضافة الشعب الفلسطيني من اللاجئين في سوريا”.

ولم يكُن اللقاء بين الشرع وعباس الأول بينهما، إذ التقيا الشهر الماضي على هامش القمة العربية في القاهرة، كما زار رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى دمشق في أواخر يناير (كانون الثاني) الماضي والتقى الشرع.

ويرى أستاذ العلوم السيايسية والعلاقات الدولية في جامعة بيرزيت أحمد جميل عزم أن زيارة الرئيس الفلسطيني إلى دمشق “تطوي صفحة الماضي التي جمعت بين نظام الأسدين و’منظمة التحرير الفلسطينية‘”.

وبحسب عزم فإن الزيارة تشير إلى “تفاهم ثنائي على طيّ صفحة انحياز النظام السابق إلى كثير من المنشقين والفصائل الفلسطينية وتمكينهم من مقدرات حركة ’فتح‘ في سوريا”.

وأوضح أن القيادة الجديدة في سوريا تريد “البدء بعلاقة تقوم على التزام الشرعيات الرسمية الموجودة الممثلة بـ’منظمة التحرير‘، وعدم النية بالدخول في لعبة المحاور الإقليمية، ورفض أي علاقة خاصة مع الفصائل الفلسطينية كـ’حماس‘ أو ’الجهاد الإسلامي‘”.

وأشار عزم إلى أن لقاء الرئيسين في القاهرة الشهر الماضي “كان دافئاً، فأكد الشرع الاستعداد لفتح ملفات كانت عالقة في ظل النظام السابق مثل أملاك ’منظمة التحرير‘”.

واعتبر الباحث السياسي عبدالمجيد سويلم أن “منظمة التحرير” “باعتبارها جزءاً من النظام الرسمي العربي المعتدل في مربع واحد مع القيادة السورية الجديدة بعد طرد الإيرانيين من سوريا، وقطع طرق الإمداد عن ’حزب الله‘”.

وبحسب سويلم فإن زيارة عباس إلى دمشق هي “نوع من الدخول الطبيعي في الموقف وفي الاصطفاف الطبيعي”.

وعلى رغم أن “منظمة التحرير” “لا تحبذ طبيعة القيادة السورية الجديدة”، فإنها وفق سويلم، “تشجع التغيير الحاصل في سوريا، مع انفتاح النظام العربي المعتدل على سوريا الجديدة”.

واستعبد المحلل السياسي جهاد حرب سماح القيادة السورية الجديدة بوجود فصائل فلسطينية مسلحة أو فصائل غير مرغوب فيها دولياً، مضيفاً أن “دمشق تحاول تجنب أن يكون الملف الفلسطيني عبئاً على جهودها للانفتاح على دول العالم”.

وكانت دمشق مقراً لتنظيمات فلسطينية عدة مثل حركتي “حماس” (حتى 2012) و”الجهاد الإسلامي” و”الجبهة الشعبية القيادة العامة” وفصائل أخرى التي منحها النظام السوري السابق معسكرات للتدريب.

وبحسب حرب فإن “منظمة التحرير” تسعى إلى “الحفاظ على حقوق وامتيازات نحو نصف مليون من اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، وعدم تكرار ما حصل مع أشقائهم في العراق إثر انهيار نظام صدام حسين عام 2003”.

وأشار إلى أن المنظمة “تريد علاقة ندية مع سوريا الجديدة بعد انهيار نظام الأسد الذي حاول منذ عقود الهيمنة على الملف الفلسطيني”.

ويتفق الباحث في الدراسات الاستراتيجية عامر سبايلة مع حرب في أن القيادة السورية الجديدة “ستنأى بنفسها عن الملف الفلسطيني، ومحاولة استثمار الورقة الفلسطينية”.

وأشار سبايلة إلى وجود “تحول جذري في تعامل دمشق مع الورقة الفلسطينية، فالسلاح لن يكون موجوداً في سوريا”.