محلية
الخميس ١٤ آذار ٢٠٢٤ - 11:59

المصدر: الاندبندت عربية

سامي الجميّل: لبنان مخطوف من إيران ويجب تحريره

“حزب الله” يقوم بانقلاب من خلال تعطيل المؤسسات الدستورية ومنع انبثاق سلطة جديدة 

بقلم: طوني بولس

تطفئ ذكرى الـ14 من مارس (آذار) شمعتها الـ19، وسط انفراط ما تبقى من قواها الحية سياسياً، ليبقى نبض تلك “الثورة” حياً لدى بعض القوى التي تسعى فرادة إلى رفع عناوين المواجهة المتمادية لهيمنة “حزب الله” وحلفائه على لبنان. ذكرى هجرها قادتها، وفتكت بها الاختلافات السياسية وآلة القتل والاغتيالات التي طاولت عشرات.

تلك الانتفاضة الشعبية كانت في عام 2005، وأتت بعد صدور القرار 1559 الداعي إلى انسحاب الجيش السوري من لبنان ولحل كل الميليشيات وحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، وأتت بعد اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، في الـ14 من فبراير (شباط) من العام نفسه، ولكن السبب الأساس لتلك التظاهرة الضخمة كان ما حصل في الثامن من مارس من عام 2005 عندما نظم حلفاء سوريا في لبنان، وعلى رأسهم “حزب الله”، تظاهرة شكروا فيها النظام السوري وحضرها الأمين العام للحزب حسن نصرالله، فاعتبر كل هذا التحرك استفزازاً للقوى السيادية ليأتي الرد في “الـ14 من مارس عبر تظاهرة مليونية طالبت بانسحاب الجيش السوري، وبدولة قوية وحدها تحمل السلاح، وكان في عداد هؤلاء المتظاهرين أنصار رئيس الجمهورية السابق ميشال عون الذي كان ما زال في فرنسا، وأنصار رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الذي كان حينها معتقلاً”.

وفي هذه الذكرى، التي لم تحي منذ أعوام بعدما كانت تشهد تحركات شعبية وخطابات عالية السقف لأقطابها الرئيسين، أجرت “اندبندنت عربية” مقابلة مع رئيس حزب “الكتائب اللبنانية” النائب سامي الجميّل، الذي اعتبر أن ذكرى “14 آذار” هي إثبات تاريخي على قدرة الشعب اللبناني على الاجتماع حول قضايا وطنية، إذ حضرت غالبية المكونات وعدد كبير من الأحزاب السياسية، كرسالة واضحة أن الجزء الأكبر من اللبنانيين متفق على سيادة الدولة ونهائية الكيان، معتبراً أن ما حصل حينها هو إنجاز تاريخي، إذ احتشد اللبنانيون في لحظة مفصلية من تاريخ البلاد.

إلا أن الجميّل رأى أن سياسة تدوير الزوايا مع رموز “الاحتلال السوري” الذين بقوا متشبثين بإبقاء الجيش السوري في لبنان، وصولاً إلى التنازلات السياسية وتحييد رئيس الجمهورية الأسبق إميل لحود عن المواجهة، ومن “التحالف الرباعي” في الانتخابات الأولى التي تلت الانسحاب السوري في الـ26 من أبريل (نيسان) 2006، بين “تيار المستقبل” و”الحزب التقدمي الاشتراكي” مع “حزب الله” و”حركة أمل”، ولاحقاً انسحاب كتلة “الاشتراكي” من التحالف عقب انتخابات 2009 النيابية وانضمامه في ما بعد إلى حكومة “اللون الواحد” التي ألفها حينها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، كل هذه التطورات أدت تدريجاً إلى إضعاف وتفكك تحالف “14 آذار” وإفراغه من جوهره، وصولاً إلى الضربة القاضية بالتسوية الرئاسية التي حصلت بين معظم القوى السياسية عام 2016 التي بموجبها انتخب ميشال عون رئيساً للبلاد.

المعارضة الشيعية

وتكمن “الخطيئة الكبرى” برأيه في التضحية بالمعارضة الشيعية عند إبرام “التحالف الرباعي”، إذ همش دورها بشكل كامل، ولفت رئيس “الكتائب” إلى أن “مجموعة المعارض حبيب صادق ورفاقه كانوا يشكلون وزناً كبيراً، إذ حصدوا حوالى 70 ألف صوت في مناطق الجنوب، وأنه لو احتضنوا لكانت اليوم معارضة واسعة وفعالة وكسرت هيمنة الثنائي على الطائفة الشيعية”، مشدداً على أنه لو حظيت تلك المعارضة بالاحتضان الصحيح لكانت اليوم تشكل نسبة من مقاعد الطائفة الشيعية في مجلس النواب وكسرت قدرة “الثنائي” على تعطيل العملية السياسية في البلاد.

أضاف الجميّل “صحيح أن هناك أخطاء عديدة ارتكبها أركان هذا التحالف، إلا أن العوامل المحيطة كانت قاسية ومكلفة إلى جانب الضغط النفسي والأمني”، قائلاً “في عام 2006 تسبب ’حزب الله‘ بحرب مدمرة مع إسرائيل، ثم انتقل إلى محاصرة السراي الحكومي في وسط بيروت لمواجهة الحكومة التي انسحب منها حينها، ولاحقاً احتل العاصمة في السابع من مايو (أيار) 2008″، تزامناً مع سلسلة اغتيالات سياسية طاولت قيادات وأركاناً أساسية من التحالف، في ظل تعطيل عمل المؤسسات الشرعية وعلى رأسها المجلس النيابي.

ثورة الـ17 من أكتوبر (تشرين الأول)

وحول ثورة الـ17 من أكتوبر 2019، وفشلها أيضاً بإحداث التغيير المنشود، أشار الجميّل إلى أن تلك الثورة التي خرجت من رحم معاناة الشعب ضد سلطة نهبت ثرواته وقوضت سيادة البلاد، كانت ثورة محقة وتحظى أيضاً بإجماع شعبي يضم جميع الفئات الاجتماعية، إلا أنها تعرضت للوحشية والاعتداءات من تحالف “المافيا والميليشيات”، الذين تصدوا بكل الأدوات المتاحة. وقال الجميل “لو كنا في بلد طبيعي حصلت داخله ثورة مماثلة على الفساد والأداء السيء لكانت نجحت وحققت أهدافها”، لافتاً الى أن من يحمي “المنظومة” الحاكمة هو “حزب الله” الذي استخدم العنف والتظاهرات المضادة والاعتداء على المتظاهرين وتهديدهم باستعمال السلاح وافتعال مشكلات طائفية، معتبراً أن الحزب مستعد لضرب أية ثورة تهدد “المنظومة” لأنها واجهة سياسية يتحكم بها وتؤمن له الحماية والسيطرة على الدولة.