
المصدر: المدن
سلام: نزع سلاح ح*ب الله بالتفاوض…وملتزمون بالاصلاح
أكد رئيس مجلس الوزراء الدكتور نواف سلام أن “نزع سلاح حزب الله والانسحابَ الإسرائيليَّ الكامل من الأراضي اللّبنانيّة الّتي ما زالت تحتلّها إسرائيل -وهي خمس نقاط حدوديّة استراتيجيّة- يجب أنّ يتحققا بالتفاوض؛ فمحاولة فرض ذلك بالقوّة قد تُغرق البلاد في حربٍ أهليّة”. واعتبر أن “نزع السّلاح هو الهدف، لا نقطة الانطلاق”، موضحًا أن القرار 1701 ينصّ على جعل المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني خاليةً من السلاح تحت رقابة “يونيفيل”، في حين “يَشمل احتكارُ السلاح من قِبَل الدولة جميعَ المناطق -شمالًا وجنوبًا وشرقًا وغربًا- ونحن نسير في هذا الاتجاه”.
كلام سلام أوردته صحيفة “إلباييس” الإسبانيّة في سياق تقرير صحافي قالت فيه أنّ “الحكومةَ اللّبنانيّةَ الجديدة، الّتي أنهت لتوِّها مئة يومٍ من عمرها، تسعى إلى السّلام، بينما تحاول إعادة بناء الدولة واقتصاد البلاد”. فالحكومةُ الّتي شُكِّلت قبل ثلاثة أشهر من أربعةٍ وعشرين وزيرًا، بينهم خمس نساء، تجد نفسها اليوم أمام “تحدٍّ هائل”: إنهاءُ النزاع الدائر بين إسرائيل وميليشيا حزب الله الشيعيّة الذي اندلع في 8 تشرين الأول، إعادةُ إعمار جنوب بيروت ومناطق لبنانيّة أخرى دمّرتها الغارات الإسرائيليّة، إنعاشُ اقتصاد ينهار، وتوفيرُ فرص العمل والخدمات لانتشال نحو ثلاثة أرباع السكّان من براثن الفقر”.
وقالت: “لتحقيق هذه الأهداف، يتعيّن على الحكومة أنّ تتجاوز مقاومة النخبة السّياسيّة الطائفيّة والمصرفيين النافذين، وأنّ تدير في هذا السّياث ضغطًا أميركيًّا شديدًا يدعو إلى نزع سلاح حزب الله سريعًا ودفعه جنوب نهر الليطاني، تطبيقًا لقراري مجلس الأمن 1559 و1701”.
الرئيسُ السابق لمحكمة العدل الدولية، رئيسُ الحكومة الحالي سلام، شدّد في مقابلة مع الصحيفة على أنّ “نزع السّلاح هو الهدف، لا نقطة الانطلاق”، موضحًا أن القرار 1701 ينصّ على جعل المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني خاليةً من السلاح تحت رقابة “يونيفيل”، في حين “يَشمل احتكارُ السلاح من قِبَل الدولة جميعَ المناطق -شمالًا وجنوبًا وشرقًا وغربًا- ونحن نسير في هذا الاتجاه”.
وعند سؤاله عن موعد إنجاز ذلك، أجاب: “انقضت المهلة المحدَّدة لانسحاب إسرائيل-أولًا في نهاية كانون الثاني، ثم بعد تمديدٍ لخمسة عشر يومًا- وكذلك المهلة المحدَّدة للانتشار الكامل للجيش اللّبنانيّ وفق اتفاق الطائف. لقد انتهت هذه المواعيد منذ زمن، لذا يجب أن نتحرّك بسرعة”.
أمّا ادعاءُ مؤيدي حزب الله أن الجيش اللّبنانيّ عاجزٌ عن السيطرة على البلاد أو مساعدة المدنيين المشرَّدين- إذ قُتل أكثر من 150 لبنانيًّا في الهجمات الإسرائيليّة منذ وقف إطلاق النار- فيردّ عليه رئيس الوزراء بالقول: “أتفهّم الانتقادات، لكن ما البديل؟ لا يُقدِّم المنتقدون بديلًا. علينا تعبئة كل الأدوات السّياسيّة والدبلوماسيّة المتاحة”.
وعلى الرغم من ضراوة الأزمة، سجّلت الحكومةُ الجديدة إنجازاتٍ بارزة: إجراءَ أول انتخابات بلدية منذ 2016، وتقديمَ مشروعات قوانين لإصلاح القطاع المصرفي. ويشرح سلام في هذا السّياق: “نطبّق آلية جديدة للتعيينات في القطاع العامّ تقوم على الشفافيّة والتنافسيّة. وفي الإصلاح الماليّ، قدّمنا مشروع قانون لإعادة هيكلة القطاع المصرفيّ، وألغينا قرارات جوهريّة اتُّخذت في حكوماتٍ سابقة، من بينها استغلال الواجهات البحرية لأغراض تجاريّة. كما نعمل على قانونٍ يعزّز استقلالية القضاء”.
ويضيف أن “الالتزام” هو ما يميّز فريقه الوزاريّ: “نحن ملتزمون بالإصلاح وبفرض السّيادة في كل أنحاء البلاد. فعلى سبيل المثال، بات لدينا اليوم تحكّم أفضل في الحدود السورية–اللبنانية ونكافح التهريب بنشاط. كما شددنا الرقابة على الموانئ والمطارات”، وهي مرافق وُصفت طويلًا بأنها واقعة تحت تأثير حزب الله.
وتعتمد نهضة لبنان، كما يرى سلام، على إعادة اندماجه الإقليميّ؛ إذ يبدي تفاؤله بأن ترفع السعوديّة حظرها على السّفر والتصدير قبل حلول الصيف. فالسّياحة، الّتي كانت تمثل ثلث الناتج المحليّ الإجماليّ، انهارت قبل نحو خمسةَ عشرَ عامًا، بينما تُستقبل اليوم الرحلات الآتية من الإمارات بالورود والحلوى فيما تسابق الحكومة الزمن لإحياء هذا القطاع الحيويّ.
في السّياق نفسه، توسّطت الرياض لاستئناف المفاوضات حول الحدود اللّبنانيّة–السّوريّة. ولفتت الصحيفة إلى أنّ “التحوّلُ السّياسيّ في دمشق – بعد الإطاحة بنظام الأسد في كانون الأول وتولّي أحمد الشرع السّلطة- يعزّز فرصةَ إعادة ضبط العلاقات الّتي توتّرت بفعل عقودٍ من الاحتلال السوري (1976–2005). وستبحث لجنة مشتركة ملفاتِ تهريب الكبتاغون من سوريا، ووجودَ مليونٍ ونصفَ المليون لاجئٍ سوريٍّ في لبنان (نحو ربع السكان)، ومصيرَ اللبنانيين المفقودين في السجون السورية إبّان عهد الأسد”.
ويقول رئيس الحكومة: “يهمّنا استقرار سوريا كثيرًا، فهو مرتبطٌ باستقرارنا”، معلنًا تأييده رفع العقوبات الدوليّة عن سوريا رغم أنّها استهدفت النظام السّابق. وقد أعلنت الولايات المتحدة رفع جميع العقوبات، فيما يفكر الاتحاد الأوروبي في السّير في الاتجاه نفسه، ما قد يسرّع عودة اللاجئين ويحسّن وصول لبنان إلى الكهرباء عبر إعادة ربطه بالشبكة الإقليميّة عبر سوريا. فالكهرباء ما تزال تحديًّا كبيرًا في لبنان الذي يعاني انقطاعًا يوميًّا ويعتمد على مولداتٍ خاصّة مرتفعة الكلفة.
ومع تراجع نفوذ إيران وسوريا، كثفت إدارة ترامب ضغوطها على الحكومة اللّبنانيّة الجديدة، متماهيةً مع المصالح الإسرائيليّة. ويختتم سلام قائلًا: “كلما استطعنا تقوية الدولة -بل إعادة بنائها- وتعزيز سلطتها، قلَّ خضوع لبنان للتدخلات الخارجيّة”.