إقليمية
الخميس ١٥ نيسان ٢٠٢١ - 18:53

المصدر: الحرة

فراغ مؤسساتي” في تونس بسبب الخلاف بين سعيد والمشيشي

يبدأ البرلمان التونسي، الخميس، النظر في قانون إرساء المحكمة الدستورية، المؤسسة المهمة في المسار الديموقراطي في البلاد، والمرتقبة منذ العام 2014، غير أن استمرار الخلاف بين الرئيس والبرلمان يعمق الأزمة ويعيق إنشاء الهيئة.

ولم يتمكن نواب البرلمان التونسي منذ العام 2014، تاريخ وضع دستور جديد للبلاد اعتبر إنجازا للثورة التونسية التي قامت العام 2011، من انتخاب سوى عضو واحد من أصل 12 عضوا في المحكمة الدستورية، ويفترض به أن يختار أربعة منهم. بينما يعين الرئيس أربعة آخرين، وينتخب المجلس الأعلى للقضاء الأربعة الباقين.

ومهمة الهيئة النظر في دستورية القوانين التي يقرّها البرلمان كما أنها مخوّلة حصرا الحسم في الخلاف حول تأويل الدستور والنزاعات السياسية.

ومنذ انتخاب قيس سعيّد رئيسا للبلاد في العام 2019، برز بقوة الخلاف حول الصلاحيات بينه وبين البرلمان الذي يشكّل حزب النهضة ذو المرجعية الإسلامية أكبر كتلة نيابية فيه (54 من أصل 217).

ويقول أستاذ القانون هيكل بن محفوظ لوكالة فرانس برس “المحكمة الدستورية هي حجر الزاوية للنظام الدستوري للعام 2014″، معتبرا أن “الانسداد السياسي” الذي يؤخر تشكيل المحكمة “يظهر عمق الأزمة”.

ويقدّم سعيّد أستاذ القانون الدستوري السابق نفسه على أنه، بصفته الرئيس، يجب أن يكون المسؤول الأول والوحيد عن تفسير القانون الأساسي للدستور في البلاد.

في مقابل ذلك، شرع حزب النهضة في الفترة الأخيرة الى إعادة النقاش في البرلمان حول قانون المحكمة الدستورية من أجل تجاوز الخلافات والحسابات السياسية التي أخرت إنشاءها منذ سبعة أعوام.

وتمكنّ النواب في نهاية مارس من المصادقة على فصول جديدة في القانون لتسهيل عملية انتخاب الأعضاء.

وردّ قيس سعيّد على هذا بإرسال رسالة تفسيرية طويلة بخط يده إلى البرلمان، يُبين فيها أن تنقيحاته غير قانونية وجاءت بعد الآجال الدستورية.

فعاد البرلمان مرة أخرى الأربعاء لينظر في رد سعيّد ويتخذ قرارا جديدا، إمّا المضي في التعديلات التي أجراها أو الاستغناء بالكامل عنها والعودة إلى القانون في نسخته الأولى.

“فوضى”

وليست هذه المرة الأولى التي يرفض فيها سعيّد قانونا أو قرارا يتخذه البرلمان ويصادق عليه، ما يؤثر ويعيق عمل الهيئات والمؤسسات في البلاد.

ولم يقبل سعيّد إلى اليوم الوزراء الذي عينهم رئيس الحكومة هشام المشيشي في تعديل حكومي واسع في منتصف يناير وصادق عليهم البرلمان لاحقا، وبقي القرار معلقا. ويبرّر الرئيس رفضه بأن بعض الشخصيات التي تم تعيينها تحوم حولها شبهات تضارب مصالح وفساد.

وهذه الوضعية غير مسبوقة في البلاد. وكلّف المشيشي وزراء آخرين لم يشملهم التعديل الوزاري بمهام الوزراء المعلق تعيينهم. ومن بين الوزارت التي تسيّر بالنيابة منذ أشهر الداخلية والعدل والصحة والزراعة.

من جهة أخرى، دعا سعيّد إلى حوار وطني يهدف إلى إصلاح المؤسسات العمومية وإعطاء دفع للاقتصاد في البلاد التي تواجه أزمة صحية بسبب وباء كوفيد-19.

وبدأت الخلافات بين رأسي السلطة في البلاد تظهر في الحياة السياسية في تونس منذ إقرار الدستور الذي نصّ على نظام سياسي هجين بين البرلماني والرئاسي.

ولكن الأزمة الحالية بين سعيّد والمشيشي الذي يدعمه البرلمان، غير مسبوقة لأنها طالت في الزمن. ومن شأن هذا الصراع أن يؤول الى أوضاع لم يحسم فيها القانون، ولا توجد محكمة دستورية لتتخذ القرار النهائي في ظل غياب الحوار بين الأطراف المتنازعة.

ويرى بن محفوظ أن “هذا الانسداد الدستوري والمؤسساتي” أصبح “لا يطاق”.

ويؤكد أن “الفراغ المؤسساتي الذي يطول يخلق الفوضى”.

ولا يبدو سعيّد مطمئنا  البتة إلى المحكمة الدستورية التي يصفها “بمحكمة تصفية الحسابات” في سياق انتقاداته الشديدة للأحزاب السياسية وخصوصا حزب النهضة.

ويقول أستاذ القانون الدستوري شفيق صرصار إن المحكمة “محل صراع بين أطراف نسيت أن مصلحة البلاد هي الأهم”. 

ويلفت بن محفوظ إلى أنه “من دون مؤسسات دستورية، لن تستمر الديموقراطية في تونس”