صحة
الأثنين ٣ أيار ٢٠٢١ - 18:40

المصدر: الحرّة

“فقط حاولي مرة أخرى”.. دراسات جديدة تحذر من “أدلجة” الإجهاض وتدعو لتغيير المفاهيم

دعا باحثون إلى أهمية إعطاء “أولوية طبية” لمسألة الإجهاض وزيادة الوعي حول دور الرعاية الصحية لدعم النساء اللواتي تعرضن للإجهاض والتخلص من المفاهيم الشائعة، وتوفير سبل منع حدوثه مرة أخرى وليس فقط الاكتفاء بـ”المحاولة مرة أخرى”.

الباحثون في الدراسات الثلاث أكدوا أهمية الحاجة إلى نظام جديد يضمن معرفة حالات الإجهاض بشكل أفضل من قبل ممارسي الرعاية الصحية وتزويد النساء بالدعم الصحي الجسدي والنفسي الذي يحتاجون إليه.

ودعت الدراسات التي نشرت مؤخرا على دورية “ذا لانسيت” إلى “إعادة التفكير بشكل كامل في الحديث حول الإجهاض وإجراء إصلاح شامل للرعاية الطبية والنصائح المقدمة للنساء”.

وتقول الدراسات إن الإجهاض مسألة شائعة ويصيب امرأة من بين كل 10 نساء، وتنتهي 23 مليون حالة حمل سنويا حول العالم بالإجهاض، وهو ما يمثل 15 في المئة من جميع حالات الحمل، ما يعني ضرورة إعطاء هذه المسألة “أولوية”.

وتشير المجلة في مقال افتتاحي إلى أن “الأولوية المنخفضة الممنوحة للإجهاض أدت إلى ضعف القدرة على إدارة المسألة والوقاية منه خاصة في الأماكن منخفضة الدخل، حيث تحدث معظم حالات الإجهاض”.

“تلميح خبيث”

وتقول إنه “لفترة طويلة تم التقليل من الإجهاض وبدلا من أن يكون الافتقار إلى التقدم الطبي في هذا الشأن صادما، أصبح هناك اعتراف واسع النطاق له”.

ويضيف المقال أن “التلميح الخبيث بأن الإجهاض، مثل قضايا الصحة الإنجابية للمرأة الأخرى، بما في ذلك آلام الدورة الشهرية وانقطاع الطمث، يجب أن يُدار بأقل قدر من التدخل الطبي هو (في الحقيقة) نظرة أيدولوجية، وليس أمراً قائماً على الأدلة”.

وقالت المجلة إن الاستمرار في الاقتناع بفكرة أن “الإجهاض أمر لا مفر منه وأن النساء يجب أن يكون لديهن إجهاضات متكررة قبل أن تكون مؤهلات للتحقق من مرضهن أو التدخل قد خلق موقفا سائدا من القبول الإجهاض ويتم حثهن فقط على المحاولة مرة أخرى”.

وتضيف أن “هذه العقلية تقلل من العواقب الجسدية والنفسية للإجهاض، وقد أثرت أيضا على توافر وجودة الرعاية التي تتلقاها النساء بعده”.

أستاذ علم الاجتماع وخبير الصحة النفسية، الدكتور طه أبو حسين، قال في تصريح لموقع “الحرة” إن المرأة المجهضة تحتاج إلى رعاية تجعلها قادرة على الاستعداد للحمل والولادة مرة أخرى”.

ويشير إلى أن المرأة التي تلد تشعر بأنه قد حصلت على المكافأة وهي وليدها الذي كانت تنتظره ما يعوضها عن آلام التعب والولادة، أما من تتعرض للإجهاض فتتعرض لضغط شديد لأنها تشعر بالفشل مرتين، الأولى عندما لم يكتمل حُلمها بالأمومة والثانية عند وفاة طفلها قبل أن يكتمل”.

وتقول الدراسات المشار إليها إن الرعاية والدعم الحاليين للنساء والأزواج “غير متسقين وغير منظمين… لدى العديد من النساء مخاوف بشأن الرعاية غير المتعاطفة معهن بعد الإجهاض، مع عدم تقديم أي تفسير لبعضهن، والنصيحة الوحيدة التي يتلقونها هي المحاولة مرة أخرى”.

الشعور بالذنب

سيوبان كوينبي، أستاذة التوليد في جامعة وارويك في المملكة المتحدة، والتي شاركت في أحد الأبحاث، قالت في بيان صحفي إن “هذا ليس جيدا بما يكفي، ويجب علينا ضمان دعم النساء بشكل صحيح”.

ويحذر الباحثون من أن الحزن الشخصي والمفاهيم الخاطئة مثل الاعتقاد بأن الإجهاض يحدث فقط بسبب رفع أشياء ثقيلة، أو أنه لا توجد علاجات فعالة، إلى شعور النساء وشركائهن بالذنب أو إدارة شؤونهم بمفردهم”.

وعندما تطلب النساء المساعدة، فغالبا ما يحتجن إلى زيارة العديد من العيادات لمعرفة سبب للإجهاض، ونادرا ما يكون هناك مكان واحد يمكنه تلبية جميع احتياجاتهن. 

وغالبا ما يتم علاج المريضات من قبل العديد من الممارسين الذين يقدمون “نصائح متضاربة في كثير من الأحيان”. ويمكن أن يزيد هذا من محنة المرأة وهي تتعامل مع الخسارة التي مرت بها، بحسب الباحثين.

“إهمال” و”جهل”

أبو حسين، قال إنه قد يكون هناك قدرا من الإهمال من جانب مقدمي الرعاية الصحية نتيجة “الجهل” بالحالة النفسية للمريضة، ولأنه “قد يكون هناك تداول بين الأطباء أثناء الحمل فيحدث نوع من اللبس وعدم الدعم الكافي للمرأة، فعلى سبيل المثال، قد تتابع المرأة مع طبيبة في بداية الحمل ثم يولدها طبيب آخر ولا يحدث نوع من التنسيق”.

وينبه أبو حسين إلى “أهمية الدعم العاطفي من بين المحيطين بالمرأة التي تعرضت للإجهاض للتخفيف عنها وهو ما قد يكون أفضل من الرعاية الطبية اللاحقة ووجود الطبيب الذي قد يكون تواجده مرتبط بالحدث فقط”.

ويؤكد الباحثون ضرورة أن يتمتع مقدمو الخدمة الصحية بالقدرة على إدارة حالات الإجهاض المتوقعة، طبيا باستخدام أدوية تحفز المخاض مثل الميفيبريستون والميزوبروستول، وجراحيا باستخدام مجموعات الشفط اليدوي، بحيث تكون هذه التدخلات أولوية في جميع الظروف.

وينبهون إلى أن حالات الإجهاض السابقة على الحمل قد تكون مرتبطة بزيادة مخاطر الولادة المبكرة، وتقييد نمو الجنين، ومضاعفات الولادة الأخرى في حالات الحمل اللاحقة.

وترتبط الإجهاضات السابقة أيضا بارتفاع مخاطر حدوث مشكلات صحية طويلة الأمد لدى النساء، بما في ذلك أمراض القلب والأوعية الدموية، والجلطات الدموية، ومضاعفات الصحة النفسية.

وتتناقض هذه الارتباطات مع الاعتقاد بأن الإجهاض هو “حدث واحد دون تداعيات أوسع”.

ويقترح مؤلفو سلسلة الدراسات المشار إليها نهجا متدرجا للرعاية بحسب عدد مرات الإجهاض، فبعد إجهاض واحد، يجب تقييم احتياجات النساء الصحية وتزويدهن بالمعلومات والإرشادات لدعم حدوث حمل في المستقبل. 

وفي حالة حدوث إجهاض ثان، يتم عمل فحص كامل للدم ووظائف الغدة الدرقية وفحص مبكر لحالات الحمل اللاحقة.

وبعد ثلاث حالات إجهاض، يجب إجراء اختبارات إضافية، بما في ذلك الاختبارات الوراثية والموجات فوق الصوتية لمنطقة الحوض.