مجتمع
السبت ١ نيسان ٢٠٢٣ - 15:49

المصدر: الحرة

قضية الطفل شنودة.. “سابقة تاريخية في مصر” وحديث عن قوانين تشبه “التبني”

شكل قرار تسليم النيابة العامة المصرية، للطفل شنودة إلى الأسرة المسيحية التي كانت ترعاه قبل فصله عنها وتغيير ديانته إلى الإسلام، “سابقة غير معهودة”، بينما يتحدث خبراء لموقع “الحرة” عن تفاصيل تلك السابقة وتأثيرها على الحالات المشابهة في المستقبل.

ما بين شنودة ويوسف

تعود تفاصيل القضية إلى العام الماضي بعد أن أصدرت النيابة العامة بمصر قرارا بنزع الطفل من الأسرة التي قامت بتربيته بعد العثور عليه في عام 2018 داخل إحدى الكنائس بالعاصمة القاهرة، وذلك على خلفية “وشاية كاذبة” من إحدى قريبات الأسرة التي أبلغت الشرطة بأن الطفل عثر عليه خارج الكنيسة، وليس داخلها، ما يعني أنه غير مسيحي.

وسحبت النيابة العامة الطفل آنذاك من الأسرة، وأودعته أحد دور الرعاية التابعة لوزارة التضامن الاجتماعي، كما تغيير اسمه من “شنودة” إلى “يوسف”، وديانته من المسيحية للإسلام، ما دفع الأسرة المسيحية لرفع دعوى قضائية وخوض معركة قانونية لاستعادة حق كفالة الطفل.

وعلى ضوء ملابسات التحقيق المعقدة وأمام إقرار إحدى المحاكم المصرية بعدم الاختصاص للحكم في الملف، تم استطلاع رأي دار الإفتاء التي أصدرت فتوى بأن “الطفل يتبع ديانة الأسرة المسيحية التي وجدته” نظرا لأنه تم العثور عليه داخل كنيسة، وفق آراء فقهية مفصلة.

وقال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية في منشور على فيسبوك، ردا على الاستفسارات المتعلقة حول ديانة الطفل إن “هذه المسألة ذهب فيها العلماء إلى آراء متعددة، والذي يميل إليه الأزهر من بين هذه الآراء هو ما ذهب إليه فريق من السادة الحنفية، وهو أن الطفل اللقيط إذا وجد في كنيسة وكان الواجد غير مسلم فهو على دين من وجده”.

وبناء على موقف الأزهر، ثم دار الإفتاء، أمرت نيابة شمال القاهرة، بتسليم الطفل شنودة، إلى السيدة التي عثرت عليه باعتبارها عائلا مؤتمنا، بعد تعهدها بحسن رعايته، والمحافظة عليه، وعدم تعريضه للخطر.

الأولى من نوعها

يرى العالم بالأزهر، إبراهيم رضا، أن دار الإفتاء خرجت ببيان “شاف وكاف” في الموضوع، حيث أكدت أن “الطفل عثر عليه في كنيسة بالتالي فإن من الضروري أن تقوم إحدى الأسر المسيحية برعايته وتربيته”.

وفي حديثه لموقع “الحرة”، يؤكد أنه لا يوجد مشكل إطلاقا في أن يرد الطفل إلى أسرته التي تكفلت برعايته وكانت له بمثابة الحارس الأمين، خاصة بعد أن قضى أربع سنوات معها، مضيفا أن “القانون أعطاهم أيضا هذا الحق، وتم الأمر وفق تدابير قضائية”.

ويقول إن هذه القضية “كانت الأولى من نوعها على حد علمه، حيث لم يسبق أن شاهد مثلها من قبل”.

علامة فارقة وانتصار للإنسانية

يصف محامي الأسرة، نجيب جبرائيل، عودة الطفل شنودة إلى أسرته بـ”انتصار للإنسانية بغض النظر على جميع الجوانب الدينية المرتبطة بالموضوع”.

وفي حديثه لموقع “الحرة”، يؤكد أن قضية الطفل كانت “مأساة إنسانية قبل أن تكون قضائية”، ويقول “حاليا يوجد الطفل في حضن عائلته يأخذ جرعات الحنان التي حرم منها طيلة الأشهر الماضية”.

ويكشف جبرائيل أن إجراءات وشروط أخرى ما زالت تنتظر الأسرة قبل إنهاء باقي إجراءات التبني الرسمية.

وعلى الأسرة تقديم عدة شواهد حول امتلاكها مسكن ملائم للطفل وكفاءتها المالية وسلامتها من ناحية الصحة النفسية والجسدية، وفقا لحديث جبرائيل.

تشريعات جديدة؟

يرى جبرائيل أن النقاش حول قضية الطفل شنودة “اختلط فيه الديني بالقانوني والإنساني”، غير أن النتيجة كانت منصفة لتصبح هذه القضية الأولى من نوعها “علامة فارقة” في تاريخ القضاء والتشريعات المصرية.

“ويمكن أن تؤدي واقعة الطفل شنودة إلى صياغة تشريعات تمنح المسيحيين حق التبني، وأيضا التنصيص على حقهم في كفالة الأطفال المسيحيين عن طريق الأسر البديلة، وهي الإجراءات التي كانت ممنوعة ومحظورة، وربما يسهم الحكم الأخير في فتح الباب لها”، وفقا لحديثه.

والتبني “هو رعاية أب أو أم، أو زوجين لأحد الأطفال الأيتام، أو مجهولي النسب، أو من تخلى عنه ذويه، واعتباره ابنا لهم، مع ما يترتب على ذلك من حقوق قانونية مثل حقه في حمل أسمهم الكامل وشرعية حقه في إرثهم”، ووفقا للشريعة الإسلامية فإن التبني محرم.

واستنادا إلى المادة الثانية من الدستور المصري والتي تنص على أن “مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع”، فلا يعترف القانون المصري بمفهوم التبني.

من جانبه يؤكد رئيس محكمة الجنايات المصرية، المستشار أمير رمزي، لموقع “الحرة”، أن القانون المصري لا يجيز التبني، لكنه يمنح غير المسلمين حق “الاحتكام لشرائعهم”.

ويقول رمزي إن “الدين المسيحي يجيز التبني والسيد المسيح أشهر شخصية تم تبنيه على مستوى التاريخ”.

ووفقا للشريعة المسيحية فإن “الطفل المتبنى يكتب باسم والده ويرثه أيضا”، حسب حديث المستشار .

والدستور المصري يجيز لغير المسلمين بشكل رسمي الاحتكام لشرائهم وبالتالي فإن التبني ليس مرفوضا قانونيا بالنسبة للمسيحين، وفقا لحديثه.

ويشير إلى قانون “الأسر البديلة” الصادر العام الماضي، ويقول إنه “يشابه إلى حد كبير فكرة التبني”.

ويهدف القانون إلى توفير الرعاية الاجتماعية والنفسية والصحية والمهنية للأطفال الذين جاوز عمرهم سنتين والذين حالت ظروفهم دون أن النشأة في أسرهم الطبيعية، وذلك بهدف تربيتهم تربية سليمة وتعويضهم هما فقدوه من عطف وحنان، وفقا لعدة ضوابط.

ويجيز ذلك القانون للشخص وزوجته التبني لكن دون استخدام نفس المصطلح (تبني)، حسب حديث رمزي.

ويعطي هذا القانون للشخص الذي يقوم التبني الحق في التعامل مع الطفل كابنه والسفر معه بالخارج وإعطاءه ميراث لكن وصية خاصة، ويكتب الطفل بالاسم الأول للأب المتبني.

ويقول رمزي إن قانون “الأسر البديلة يقارب التبني بنسبة تقارب 80 بالمئة”.