مجتمع
الخميس ٢٢ أيلول ٢٠٢٢ - 15:29

المصدر: lBCI

للصم مكانة خاصة في تولوز الفرنسية… مهرجان ودروس وحفلات مخصصة لهم

تُعتبر تولوز في جنوب غرب فرنسا “عاصمة الصم” ، إذ أنها من المدن الفرنسية القليلة التي تتيح لهذه الفئة تعليماً ثنائي اللغة ودروساً جامعية في المسرح، وتوفر لها مكتبات وحتى مهرجاناً بعنوان “سينيو” (Sign’o) تتخله حفلة راقصة.

وتقول جولييت فان تورنهاوت، وهي معلمة متخصصة تبلغ 28 سنة، “إنها لحظات بالغة الأهمية. وأخيراً التقينا مجدداً في المهرجان، وهو شعور جيد!”.

وترقص الشابة التي ترتدي فستاناً أخضر وحذاءً رياضياً أمام المسرح وتحت الأضواء المتغيرة.

وتهتز الغرفة بفعل الموسيقى فيما الحضور يصفّق ويلوح بأياديه عالياً تزامناً مع إحياء مغنين محبوبين من جانب الصمّ الحفلة، من أمثال بريسيليا كيت وفينزسلام اللذان يقلّدان بالإشارات أغاني إمينيم أو بيغفلو وأولي.

ويتولى لوكاس وايلد ووينونا غويون، وهما ممثلان من مسلسل “سكام فرانس”، تقديم الحفلة المُنظمة في فار، وهي قاعة للحفلات الموسيقية تقع في تورنفوي بضواحي تولوز.

وتشكل “أمسية الصم” هذه أبرز ما يشمله “سينيو” والاولى في مهرجان الفنون البصرية الذي أنشأته شركة ACT’S (فن وثقافة ومسرح بلغة الإشارة) عام 2007 ويعود بعد تعليقه لست سنوات بسبب نقص في الموارد ثم جائحة كوفيد-19.

  • عروض وحفلات ودورات –
    وارتاد المهرجان الذي أُقيم بين 16 و18 أيلول/سبتمبر أكثر من ألف شخص، بحسب منظميه.

وفي شارع تنتشر على جانبيه أشجار عالية، ثُبتت منصات تعرض أعمالاً حرفية، ومسرح يستقبل عازفين على آلات إيقاعية وفكاهيين ومؤتمرات، … فكل الأجواء التي تشير إلى انعقاد مهرجان كانت حاضرة في المكان باستثناء ضجيج الأصوات.

وكانت المحادثات تسير حول الطاولات بلغة الإشارة، وتُترجَم إذا لزم الأمر من متطوعين يتقنون هذه اللغة على غرار 300 ألف شخص في فرنسا.

وتقول صوفي بوتاجيسي (37 سنة) التي حضرت من نيس مع عائلتها وأصدقائها “نحن سعداء بهذا المهرجان مع كل هؤلاء الصم، فمنطقتنا لا تضم عدداً كبيراً من الجمعيات ولا حتى مسارح تستقبل ما يخصّ الصم، لذلك نتوجّه إلى أي مكان يُنظم فيه مهرجان مماثل للمنعقد في تولوز”.

وأحبّت ابنتها الصماء ستيلا (10 سنة) “الحركات بالقدمين” التي تعلمتها خلال دورة في رقص الهيب هوب تولت إعطاءها أغات غرولو. وتشرح الراقصة للتلاميذ خلالها كيف يحرّكون مفاصلهم تدريجياً ثم تعطي إشارة الانطلاق للأطفال من خلال القيام بإشارة على رأسها.

وتعرف فيكتوريا بوبنوفا (9 سنوات) هذه التقنية من قبل. وتقول الفتاة التي بدأت تتلقى دروساً في الرقص الكلاسيكي عندما كانت تبلغ ثلاث سنوات وتتعلم الهيب هوب منذ السنة الفائتة “إن الموسيقى تمر بجسدي وكأنها تلامسني”، مضيفةً “أحب أن أؤدي الهيب هوب! فهذا النوع من الرقص مشابه لحركات الصبيان إذ نتحرّك بخطوات كبيرة”.

وإلى جانب ركوب الخيل والسباحة والرسم، يشكل تعلّم الهيب هوب أحد النشاطات المُقدمة لتلاميذ مدرسة جان جوريس الثنائية اللغة التي توفر تعليماً بلغة الإشارة وتقع في رامونفيل-سان-أنييه بضاحية تولوز وتلقت فيكتوريا تعليمها فيها.

وتقول والدتها إيرينا بافليوك (36 عاماً)، وهي معلمة يوغا روسية وصلت إلى فرنسا قبل 15 عاماً مع زوجها الراقص “جئنا إلى هنا لتتلقى ابنتي دروساً بلغتين”.

  • أتوا من مختلف انحاء فرنسا –
    وتقول رئيسة ACT’S واللجنة التنظيمية لمهرجان “سينيو” ماريلان شاريير “يُقال إن تولوز هي بمثابة عاصمة للصم لأنها تضم أموراً كثيرة خاصة بهم، كالتعليم الثنائي اللغة حتى البكالوريا وغير المتوافر في مناطق فرنسية أخرى (…) وجمعيات ونشاطات متخصصة”.

وتُقام مهرجانات أخرى للصم، إلا أنّ جنوب فرنسا يفتقد إلى أي منها. وتشير شاريير التي تتولى أيضاً إعداد برنامج “لوي إيه لا مان” المعروض على قناة “فرانس 5″ إلى أنّ”عدداً من الأشخاص أتوا من باريس وبوردو وليون إلى المهرجان”.

وشهدت العروض الستة التي جرى إحياؤها في مسرحين يتّسع أحدهما لـ200 شخص والثاني لـ400 شخص حضوراً شبه كامل. وشكّل الراقصون خلال حفلة “ديف بارتي” (حفلة الصمّ) الراقصة مساء السبت سلسلة بشرية طويلة حول القاعة.

وتقول شاريير ضاحكةً إنّ “الترحيب هو جزء من لغتنا. نتشارك الثقافة نفسها والهوية نفسها. وعندما نجتمع يمكننا أن نتصرّف بحرية”، مشيرةً إلى تصميمها على تنظيم نسخة مقبلة من مهرجان “سينيو” سنة 2024.