إقتصادية
الأثنين ١٩ نيسان ٢٠٢١ - 12:50

المصدر: صوت لبنان

مدخل لإعادة توجيه الدعم

صدر عن المجلس والاقتصادي ورقة تشاركية حول موضوع الدعم، نصت على ما يلي:

في خضم الواقع الحالي وتراكم الأزمات المتداخلة التي يعاني منها لبنان، بادر رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي إلى دعوة مجموعة خبراء متخصصين وممثلين عن المؤسسات الدولية بحضور ومشاركة واسعة من الوزراء المعنيين، وممثلي الكتل النيابية والأحزاب السياسية للبحث عن توافقات حول إعادة توجيه الدعم الى مستحقيه، وتحويله إلى منطلق لتحقيق سياسة اجتماعية مطلوبة.

الأسباب الموجبة
ينطلق التوافق المبني على نقاشات عميقة بين المشاركين حول مجموعة الأسباب الموجبة التي وضعت الجميع أمام ضرورات ضاغطةوخيارات اسهلهاعسير،حتمت اقتراح إجراءات تتناسب مع الظروف الحاليةلإدارة الازمة حتىالوصول الىحد ادنى منالتوافق السياسي في المستقبل القريب،من خلالعمل حكومي فعال يضع خارطة طريق للإنقاذ المالي والنقدي والمصرفي والتعافي الاقتصادي تمهيدًا لقيام اقتصاد منتج،يتم تبنيها ودعمها من قبل المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية.
في مستهل هذه الأسباب يبرز الانهيار الاقتصادي والمالي والنقدي، وتدهور قيمة العملة الوطنية، وتلاشي القدرة الشرائية للمواطنين، وضعف قدرة المؤسسات الحكومية على ايجاد شبكة امان اجتماعيللبنانيين.ومن العوامل الدافعة ايضاًفشل آلية الدعم الطارئة التي اعتمدت خلال السنة المنصرمة اذ لم تخدم الهدف المنشود منها في حماية الفئات الفقيرة من اللبنانيين اضافة الى مساهمتها في ازدياد مضطرد في حجم التهريب والاحتكار وانقطاع السلع المدعومة عدا عن شمولهامالا يجب دعمه من سلع،والتي أدت الى كلفة باهظة ليس بالإمكانالاستمرار في تمويلها وتحملها.وقد اطلع المشاركون على الدراسات الموجودة واقتراحات المشاريع التي وضعتها وزارتي الاقتصاد والتجارة، والشؤون الاجتماعية كذلك اوراق عمل تقدم بها عدد من المشاركين في جلسات الحوار، كما استأنسوا بأراء وتجارب دول اخرى عملت على اعادة النظر في سياسات الدعم.
لقد حكمت الضرورة والمصلحة الوطنية العلياأن يتوافق المشاركون على التحرك السريع لوقف النزيف النقدي الذي يصيب المصرف المركزي الذي يقدر تمويله للدعم بـ5,2 مليار دولار بالإضافة الى تمويل بعض عمليات الخزينة بحوالي 1 مليار دولار سنوياً والذيوصل الى حد استخدام الاحتياطي الالزاميالذي لا يجوزمخالفة قانون النقد والتسليف في استعماله،وهو في النهايةجزء من ودائع المواطنين في المصارفوالتي لا يمكن المس بها. وزاد من إلحاح هذه الظروف الاختناق الكبير الذي أصاب دينامية العمل السياسي والمؤسساتي على مستوى الإدارة العليا للدولة، وتعثر المسار السياسي القادر على إنتاج الحلول.

كلفة الدعم بملايين الدولارات2020 نوع الدعم الحالي
900 فيول – مؤسسة كهرباء لبنان
963 بنزين
1،075 مازوت
99 غاز
1،105 ادوية وادوات طبية
135 القمح
960 مواد اساسية
1،000 نفقات القطاع العام بالدولار
6،237 المجموع
المصدر: وزارة الاقتصاد والتجارة
من هذا المنطلق، كان لا بد أن يقترح المشاركون مجموعة إجراءات تشكل الخطوات الاولى في إعادة النظر في سياسة الدعم الحالي كمرحلة انتقالية نحو توجيه سياسة الدعم الحالي وحصره بمستحقيه من المواطنين اللبنانيين المقيمين، والانطلاق من ذلك لاحقاً نحو برنامج متكامليتضمن سياسة اجتماعية قادرة على تغطية الثغرات الاجتماعية التي يخلفها التعثر الاقتصادي، بالإضافة الى خطوات عملية لإعادة عجلة النمو الاقتصادي.
الاهداف
تهدف الاجراءات المقترحة الى:

  1. تصويب الدعم بحيث يستهدفاللبنانيين الاكثر حاجةًواستحقاقاً، لحمايتهم فيالمرحلة القادمةمن السقوط في العوز والفقر الشديد وتعويضهم عن التدهور السريع بالقدرة الشرائية،عوضاً عن حماية اسلوب ونمط العيش السائد منذ زمن وتأثيراته على العجز في الميزان التجاري.
  2. تحسين كفاءة الدعم وتخفيض الهدر الى أدنى مستوى ممكن، ووقف كل اشكال التهريبوالاحتكار.
  3. الحفاظ على الاحتياطي الالزامي في المصرف المركزي.
    من المتوقع ان تحقق الاجراءات المقترحة النتائج والمحصلات التالية:
  • تخفيض الدعم الحالي من المصرف المركزي المقدربحوالي5,2 مليار دولار سنوياً الى حد اقصاه2 مليار دولار خلال سنة على ان يوزع بشكل شهري بسقف160 مليون دولار.
  • وقف التهريب الذي يستنزف جزءاً مهماًمن الدعم من خلال ضبط الحدود واعتماد ادوات مالية تجعل اسعار السلع غير جاذبة للتهريب.

من هذا المنطلق، يقترح المشاركون العمل على توجهيناستراتيجيين:
التوجه الاستراتيجي الاول: الشروع سريعاً بتطبيق عدد من الإجراءات الملحة ولمدة 12 شهرا

اولاً: رفع الدعم تدريجياًعن معظم السلع وصولاً الى الغائه ضمن برنامج متكامل للإنقاذ والاصلاح والتعافيوبالتزامن مع تفعيل العمل بمساعدات نقدية مباشرة عبر بطاقة نقديةمع الاخذ بعين الاعتبار زيادة قيمتها بالتوازي مع عملية رفع الدعم، على الشكل التالي:

  1. البنزين: يعاد تدريجياً تسعير البنزين على اساس سعر السوق وعلى مرحلتين، الاولى حسب سعر منصة مصرف لبنان،حتى رفعه نهائياً خلال مدة عام
  2. المازوت: يبقى الدعم على المازوت خلال العام الاول مع ابقاء المرونة في التسعير منعاً للتهريب مع التشديد على مراقبة الكميات المستخدمة وحصرها بحجم السوق المحلي،على أن توضع سريعاً خطة لإلغاء الدعم بعد استيعابه في البطاقة النقدية المخصصة للأسر
  3. الغاز: يخفض الدعم تدريجيا على مرحلتين،الاولى حسب سعر منصة مصرف لبنان، حتى رفعه نهائياً خلال عامبعد استيعابه في البطاقة النقدية
  4. الادوية: يبقى الدعم على لائحة اساسيةمن ادوية الامراض المزمنة والملحة(biosimilars) ضمن سقف محدد للإنفاق لا يتعدى600 مليون دولار سنوياً، على ان تُدرس الآلية المفصلة من قبل الوزارات واللجان المختصة والمصرف المركزي.
  5. القمح: يبقى دعم القمح على ما هو عليه وتشدد الرقابة لاستخدامه للخبز العربي (قيمته 135 مليون دولار سنوياً)
  6. باقي المواد: الغاء كامل للدعم خلال ثلاثة اشهر.
  7. الكهرباء: تُصحح تدريجيًا تعرفة الكهرباء والبدء سريعاًبالشطور العليا الى أن تصل ميزانية مؤسسة كهرباء لبنان الى توازن مالي آخذة بالاعتبار قوة العدادات والاستهلاك، وتراعى الطبقات الفقيرة ومحدودي الدخل وكذلك الخصوصية الحالية للقطاع الصناعي.على ان يترافق هذا الاجراءمع العمل على ترشيد انتاج الكهرباء ومع تأمين حد ادنى من التغذيةووقف الهدر غير التقنيوفق برنامج زمني ملزم لوقف الهدر التقني يتم تنفيذه في مدةوجيزة.يوضع في السنة الاولى سقفٌ قيمته750 مليار ليرة لمساهمة الخزينةلدعم مؤسسة كهرباء لبنان.
    بالإضافة الى:
  8. العمل على تخفيض نفقات القطاع العام بالدولار الى ما دون الـ 700 مليون دولارخلال العام القادم.

ثانياً: تحويل سياسة الدعم الحالية نحو تقديم مساعدات نقدية مباشرة تماشياً مع اجراءات الرفع التدريجي للدعم:

  1. يشمل الدعم النقدي المباشر الأسر اللبنانية المقيمة فعلياًعلى الاراضي اللبنانية، عدا المستثناةوفقا لمعايير اقتصادية واجتماعيةتحاكي افضل الممارسات في هذا الحقل، او الاسر التي لم تبد رغبتها بالاستفادة.
  2. توضع البطاقة النقدية حيز التنفيذ في مدة اقصاها 30 حزيران 2021.
  3. يجري الدفع عبر بطاقات مرمزة بشكل شهري على ان يكون الدفع لمرحلة انتقالية بالدولار النقدي حفاظاً على القوة الشرائيةوبسبب التغيير السريع في سعر الصرف أكان صعوداً ام نزولاً مما يسمح ويشجع عرض الدولار النقدي في السوق، وفي الوقت عينه لا يزيد ذلك من الكتلة النقدية.تُحدد المرحلة الانتقالية مع المصرف المركزي على ان يصبح الدفع لاحقاً بالليرة اللبنانية حسب سعر الصرففي السوق الموازي.
  4. تُحدد قيمة المساعدة النقدية بناء على معايير منبثقة مندراسة”الحاجات الاساسية” للاسر، من الغذاء وغير الغذاء،وتحتسب على اساس 25دولارا في الشهر للبالغين و 15دولارا في الشهر للأطفالالقاصرين بسقف لا يتعد الـ 100 دولار للاسرة الواحدة، على ان يتم تعديل قيمة هذه المساعدات تماشياً مع الرفع الكلي للدعم، وذلك وفقاً للحاجات والامكانيات.
  5. على ان تسعى الحكومة اللبنانية الىجذب التمويل للمساعدات النقدية من المؤسسات الدولية والدول المانحة بالتعاون مع مصرف لبنان لتأمين تمويل اضافي.

التوجه الاستراتيجي الثاني: تنفيذ إجراءات تكميليةسريعة تترافق مع بدء العمل علىالرفع التدريجي للدعم

  1. العمل على دمج برامج المساعدات النقدية المباشرة ضمن برنامج حكومي موحد يطلق عليه، مثلاً”برنامج التكافل الاجتماعي”، الذي سيستهدف الاسر الفقيرةمن ناحيةتوحيد معايير الاستفادة، واطلاق السجل الاجتماعي لتوحيد لائحة اسماء المستفيدين، وكذلك الحساب الائتماني الموحد وطرق ادارة ومتابعة البرنامج وطرق تقديم الشكاوى. على ان يشكل مشروع دعم شبكات الامان الاجتماعي الممول من خلال قرض من البنك الدولي نقطة انطلاق هذا البرنامج.
  2. الشروع بتصحيح بدل النقل اليومي في مؤسسات الاعمالبما يتناسب مع إجراءات رفع الدعم.
  3. الحث على التصحيح التدريجي للحد الادنى للأجور ضمن تفاهمات مرنة بين اصحاب العمل والعمال، مع احتمال ان يكون ارشادياً(indicative)لفترة انتقالية، اخذاً بعين الاعتبار حجم التضخم.
  4. وضع اجراءات مرحلية لدعم وسائل النقل العمومي من تاكسي وفانات بالتزامن مع الرفع التدريجي للدعم عن البنزين.
  5. اقرار استراتيجية الحماية الاجتماعية.
  6. الإسراع في إقرار قانون عصري وحديث للمنافسة.
  7. تشجيع ومساعدة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المنتجة التي تساهم في خفض البطالة وتامين فرص عمل للمواطنين اللبنانيين وتفعيل الدورة الاقتصادية
  8. العمل على تفعيلالانتاج المحلي لمساهمته في خفض الميزان التجاري وميزان المدفوعات عبر زيادة الصادرات واستبدال الواردات بالإنتاج المحلي
  9. اصلاح قطاع الطاقة واعادة هيكلته وتطبيق القوانين المرعية الاجراء .

تشكل الورقة جملة من المقترحات والاجراءات والتوصيات التيتساهم في توجيه الدعم الى مستحقيه، وتؤكد على اهمية التفاهم مع صندوق النقد الدولي والمنظمات الدولية بناء على برنامج حكومي متكامل للإنقاذ والاصلاح والتعافي، وتنفيذ الاصلاحات المطلوبة بحيث تصبحاستراتيجية الحماية الاجتماعية جزءاً لا يتجزأ من البرنامج.