إقليمية
الأحد ٦ تموز ٢٠٢٥ - 16:45

المصدر: صوت بيروت انترناشونال

مليون دولار مقابل رأس نتنياهو.. تحقيقات إسرائيلية تكشف كيف جنّدت إيران جواسيس في إسرائيل

كشفت وثائق تحقيقات إسرائيلية كيف استطاعت إيران تجنيد عشرات الاسرائيليين، طُلب منهم تنفيذ مهام كانت متواضعة في البداية، لكنها سرعان ما تصاعدت، قبل فترة قصيرة من حرب الـ 12 يوماً بين البلدين في يونيو/ حزيران الماضي.

وفي إحدى تلك المهمات، كانت هناك مفاوضات “فاشلة” مع جاسوس لاغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو ، مقابل مليون دولار، وأخرى ناجحة كانت تتركز حول معلومات عن ميناء حيفا ومعهد وايزمان.

قبل تلك الحرب القصيرة، كشف الجهاز الأمني الإسرائيلي شبكة واسعة من الإسرائيليين يتجسسون لصالح طهران، وعلى نطاق فاجأ البلاد، ووفق تقرير لصحيفة “الغارديان” البريطانية، وُجهت اتهامات لأكثر من 30 إسرائيلياً بالتعاون مع المخابرات الإيرانية.

في كثير من الحالات، بدأت الاتصالات برسائل مجهولة المصدر تعرض أموالاً مقابل معلومات أو لمهام صغيرة، ثم رُفعت المبالغ المدفوعة تماشياً مع مطالب أكثر خطورة، وبناء على وثائق المحكمة، لم ترقَ جهود الجواسيس إلى مستوى تطلعات طهران في تنفيذ عمليات اغتيال رفيعة المستوى لمسؤولين إسرائيليين.

ومع ذلك، كان عدد كبير من الإسرائيليين مستعداً لتنفيذ مهام متواضعة، لدرجة أن حملة التجسس ربما نجحت كوسيلة لجمع بيانات جماعية حول مواقع استراتيجية مهمة ستصبح لاحقاً أهدافاً للصواريخ الباليستية الإيرانية.

“مستعدون للشراء”
عادةً ما كانت رسائل الاستدراج الإيرانية تبدأ برسالة نصية من مُرسِل مجهول، وإحداها كانت من “وكالة أنباء”، سألت: “هل لديك أي معلومات عن الحرب؟ نحن مستعدون لشرائها”.
رسالة أخرى أرسلتها “طهران القدس” إلى مواطن فلسطيني إسرائيلي، كانت أكثر صراحة، قائلة: “القدس الحرة توحد المسلمين. أرسل لنا معلومات عن الحرب”.

تضمنت الرسالة رابطاً لتطبيق تيليغرام، حيث يبدأ حوار جديد، أحياناً مع شخص يستخدم اسماً إسرائيلياً، مع عرض مالي مقابل مهمات تبدو بسيطة. إذا أبدى المستلم اهتماماً، تنصحه جهات اتصاله الجديدة الغامضة بإنشاء حساب على “باي بال” وتطبيق لاستقبال الأموال بالعملات المشفرة.

في حالة أحد المشتبه بهم الذين أُلقي القبض عليهم في 29 سبتمبر/أيلول، كانت المهمة الأولى هي الذهاب إلى حديقة والتحقق مما إذا كان كيس أسود مدفوناً في مكان معين، مقابل مبلغ يقارب 1000 دولار أمريكي. ولم تكن هناك حقيبة، وأرسل المجند مقطع فيديو لإثبات ذلك. عُيّن لاحقاً بمهام أخرى شملت توزيع المنشورات، وتعليق الملصقات، والرسم الغرافيتي على الجدران.

كما استُخدم إسرائيلي من أصل أذربيجاني لتصوير منشآت حساسة في جميع أنحاء البلاد، ويبدو أنه حوّل المشروع إلى مشروع عائلي، إذ طلب من أقاربه تصوير منشآت ميناء حيفا التي ستُقصف لاحقاً بالصواريخ الإيرانية خلال الحرب، وقاعدة نيفاتيم الجوية في النقب التي ضُربت أيضاً بوابل من الصواريخ في أكتوبر، إضافة إلى بطاريات القبة الحديدية للدفاع الصاروخي في جميع أنحاء البلاد، ومقر الاستخبارات العسكرية “غليلوت” شمال تل أبيب.

طُلب من المجند نفسه الذي ذهب للبحث عن الحقيبة السوداء تصوير منزل عالم نووي يعمل في معهد وايزمان الذي ضُرب بصواريخ باليستية في حرب الاثني عشر يوماً، ويبدو على الأرجح أن الصور التي التقطها عملاء إيران ساعدت على تحديد الأهداف.

 

مجند المليون دولار
عندما تواصلت المخابرات الإيرانية مع مردخاي “موتي” مامان، البالغ من العمر 72 عاماً، في ربيع العام الماضي، كان متزوجاً حديثاً من امرأة بيلاروسية أصغر منه سناً بكثير، ويحتاج إلى تمويل بعد فشل العديد من مشاريعه التجارية.

أمضى مامان بضع سنوات في سامانداغ، جنوبي تركيا، وفي أبريل/نيسان، اتصل بشقيقين من رجال الأعمال يعرفهما هناك لمعرفة ما إذا كان لديهما أي أفكار لكسب المال. قال الشقيقان إن لديهما شراكة تجارية مربحة مع أحد معارفهما الإيرانيين يُدعى إيدي، وهو يستورد الفواكه المجففة والتوابل، واقترحا على مامان مقابلته.

التقى إيدي ومسؤول إيراني آخر مامان في فندق فاخر داخل إيران، وعرضا عليه آلاف الدولارات لثلاث مهام. كان عليه ترك أموال أو أسلحة في أماكن محددة في إسرائيل، والتقاط صور للأماكن المزدحمة.
وقال مامان إنه سيفكر في الأمر، فتم تهريبه إلى تركيا، وعند عودته إلى يوكسيكوفا، سُلم 1300 دولار نقداً كدفعة جزئية لتكاليف الرحلة.

في أغسطس/آب، عاد مامان إلى تركيا، وتم تهريبه مرة أخرى عبر الحدود للقاء إدي وشريكه. هذه المرة، كانت المهام أكثر صعوبة. عرض الإيرانيون 150 ألف دولار لقتل أي من نتنياهو، أو رونين بار، رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك)، أو يوآف غالانت، وزير الدفاع آنذاك.

وفقاً للادعاء، ادّعى مامان أن لديه صلات بعصابات إجرامية قد تُمكّنه من إنجاز المهمة، لكنه طلب مليون دولار. كان هذا المبلغ باهظاً جداً بالنسبة للإيرانيين الذين اقترحوا هدفاً أقل أهمية، وهو رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت، مقابل 400 ألف دولار. زُعم أن مامان التزم بمطلبه البالغ مليون دولار، وانفضّت المحادثات دون اتفاق.