المصدر: cnbc عربية
منشأة فوردو النووية.. هل تدفع أميركا إلى الدخول في الحرب مع إيران؟
تعد منشأة فوردو النووية الإيرانية إحدى الأهداف المثيرة للجدل خلال الحرب الإسرائيلية الإيرانية الحالية، وذلك مع دخول الصراع يومه الخامس، خاصة فيما يتعلق مدى إمكانية التدخل الأميركي المباشر أو غير المباشر في تلك الحرب وخاصة من أجل هذا الموقع المهم.
ورغم بعض التقدم الذي حققته إسرائيل على مستوى إصابة بعض الأهداف المرتبطة بالمنشآت النووية في إيران، فإن منشأة فوردو تظل إحدى البقاع الحصينة وصعبة التدمير إلا في حالة التدخل الأميركي سواء مباشرة أم بشكل غير مباشر، وذلك من خلال القنبلة التي تملكها والتي تعد خارقة للتحصينات، أو يمكن لإسرائيل التدخل بشكل قد يكون أكثر تكلفة عبر قوات برية أو ضربة نووية وهو الأمر الذي قد يكون مستبعداً.
ما هي منشأة فوردو؟
تعد منشأة فوردو ثاني منشأة إيرانية للتخصيب النووي بعد نطنز، منشأتها الرئيسية، كما تعد أصغر من نطنز، وهي مبنية على سفح جبل بالقرب من مدينة قم، على بُعد حوالي 95 كيلومتراً (60 ميلًا) جنوب غرب طهران.
ويُعتقد أن البناء بدأ حوالي عام 2006، وبدأ تشغيله عام 2009 – وهو العام نفسه الذي اعترفت فيه طهران علنا بوجود المنشأة.
تم بناء منشأة فوردو سراً، وتم الكشف عنها علناً في سبتمبر/ أيلول 2009 بعد رفع مسؤولين أميركيين وبريطانيين وفرنسيين السرية عن معلومات استخباراتية تظهر أن إيران بنت مصنعاً سرياً عميقاً داخل جبل “يتعارض مع برنامج (نووي) سلمي”.
ويقدر معهد الدراسات الاستراتيجية والدولية أن منشأة فوردو يمكن أن تحول كامل مخزون إيران من اليورانيوم عالي التخصيب ــ والذي قدره مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية في مايو/ أيار الماضي بنحو 408 كيلوغرامات ــ لإنتاج ما يكفي من اليورانيوم الصالح للاستخدام في صنع الأسلحة في غضون ثلاثة أسابيع فقط، (بما يكفي لصنع تسعة أسلحة نووية).
وبالإضافة إلى وجود المنشأة على عمق 80 متراً (260 قدماً) تحت الصخور والتربة، يُقال إن الموقع محمي بأنظمة صواريخ أرض-جو إيرانية وروسية. ومع ذلك، من المرجح أن هذه الدفاعات الجوية قد تعرضت بالفعل لضربات إسرائيلية، بحسب وكالة الأنباء الأميركية أسوشيتد برس.
في إطار الاتفاق النووي الذي عقدته إيران مع عدد من القوى العالمية، وافقت إيران، من بين تدابير أخرى من أجل تخفيف العقوبات عليها، على تحويل المنشأة النووية في فوردو إلى مركز للأبحاث، وتحديد عدد أجهزة الطرد المركزي هناك، ووقف تخصيب اليورانيوم لمدة 15 عاماً، والسماح بمراقبة أفضل من جانب المفتشين الدوليين.
ولكن مع انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في عام 2018 خلال فترة رئاسة دونالد ترامب الأولى، ومنذ ذلك الحين، تحركت إيران لتخصيب المزيد من اليورانيوم.
وبعد انفجار نطنز عام 2021، والذي ألقت إيران باللوم فيه على إسرائيل وأضرّ بقدرتها على التخصيب، شغّلت طهران أجهزة الطرد المركزي في فوردو بدلاً من ذلك، بحسب صحيفة فايننشال تايمز البريطانية.
وبدأت هذه الأجهزة بتحويل مخزون إيران من اليورانيوم منخفض التخصيب إلى نسبة نقاء 60%، مما يُمكّن من إنتاج يورانيوم صالح للاستخدام في صنع الأسلحة خلال أيام، وفقاً للصحيفة.
وتتميز فوردو بالمتانة الجيولوجية التي تجعل قاعات أجهزة الطرد المركزي فيها منيعةً تمامًا ضد القنابل التقليدية المُلقاة جوًا. وقد يشمل ذلك حتى القنبلة الأميركية العملاقة الخارقة للتحصينات “Massive Ordnance Penetrator” القادرة على اختراق 60 مترًا من الخرسانة.
ما هي القنابل الخارقة للتحصينات؟
“الخارقة للتحصينات” هو مصطلح عام يُستخدم لوصف القنابل المصممة لاختراق أعماق الأرض قبل الانفجار. وفي هذه الحالة، يشير إلى أحدث قنبلة في الترسانة الأمريكية من طراز GBU-57 A/B، المعروفة باسم القنبلة الخارقة للتحصينات الضخمة.
وتم تصميم هذه القنبلة الموجهة بدقة، والتي تزن حوالي 30 ألف رطل (13.6 طن)، لمهاجمة المخابئ والأنفاق المدفونة على عمق كبير والمحصنة، وفقاً لسلاح الجو الأميركي.
ومن المعتقد أن هذه القنبلة قادرة على اختراق حوالي 200 قدم (61 متراً) تحت سطح الأرض قبل أن تنفجر، ويمكن إسقاط القنابل واحدة تلو الأخرى، مما يؤدي إلى حفر أعمق فأعمق مع كل انفجار متتالٍ.
وتحمل القنبلة رأساً حربياً تقليدياً، لكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أكدت أن إيران تنتج يورانيوم عالي التخصيب في فوردو، مما يزيد من احتمال تسرب مواد نووية إلى المنطقة إذا تم استخدام قنبلة GBU-57 A/B لضرب المنشأة.
ومع ذلك، أفادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن الضربات الإسرائيلية على موقع نطنز النووي الإيراني، على موقع للطرد المركزي، تسببت في تلوث الموقع نفسه فقط، وليس المنطقة المحيطة به.
لماذا تحتاج قد تحتاج إسرائيل إلى مشاركة أميركا في الحرب؟
بشكل نظري، يُمكن لأي قاذفة قادرة على حمل وزن قنبلة GBU-57 A/B أن تستخدم في إسقاطها، لكن في الوقت الحالي، قامت القوات الجوية الأمريكية بتجهيز وبرمجة قاذفة واحدة فقط لإطلاقها، وهي القاذفة الشبح B-2 Spirit، وذلك وفقاً لما ذكرته القوات الجوية.
ويتم استخدام الطائرة B-2 فقط عبر سلاح الجو الأميركي، والتي أنتجتها شركة Northrop Grumman.
وبحسب بيانات الشركة المصنعة، تستطيع الطائرة B-2 حمل حمولة وزنها 18 طن (40 ألف رطل)، إلا أن القوات الجوية الأميركية أعلنت نجاحها في اختبار القاذفة بعد تحميلها بقنابل GBU-57 A/B الخارقة للتحصينات، بوزن إجمالي يبلغ حوالي 27 طناً (60 ألف رطل).
أيضاً يصل مدى هذه القاذفة الاستراتيجية الثقيلة بعيدة المدى إلى 11 ألف كيلومتر (سبعة آلاف ميل) دون الحاجة إلى إعادة التزود بالوقود، وإلى 18 ألف كيلومتر (11 ألف ميل) مع إعادة التزود بالوقود مرة واحدة، ويمكنها الوصول إلى أي نقطة في العالم في غضون ساعات، بحسب الشركة.
هل يمكن للولايات المتحدة منح إسرائيل الطائرة؟
ربما يكون من الصعب على الولايات المتحدة أن تتيح لإسرائيل استخدام هذا النوع من الطائرات في الحرب الحالية وذلك وسط تكنهات باحتمالية مشاركة أميركية مباشرة في الصراع، ولا تزال الساعات المقبلة تحمل المزيد من التوضيح بشأن مصير منشأة فوردو وإمكانية التدخل الأميركي.
وانتهى الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاجتماع مع مجلس الأمن القومي للبيت الأبيض لبحث الصراع بين إسرائيل وإيران، والموقف الأميركي منه، وقالت شبكة إن بي سي نيوز، بعد الاجتماع، إن ترامب يدرس مجموعة من الخيارات بشأن إيران، بما في ذلك توجيه ضربة أميركية محتملة لها، بحسب ما نقلته عن مسؤولين حاليين وسابقين في الإدارة الأميركية.
يوم الاثنين، قال ترامب، في منشور على منصة “Truth Social” للتواصل الاجتماعي، التابعة له، إنه “على الجميع إخلاء طهران فوراً”.
كما غادر ترامب قمة مجموعة السبع في كندا مبكراً للتعامل مع الوضع في الشرق الأوسط، لكنه فعل ذلك دون التوصل إلى اتفاقيات تجارية مع بعض الدول الأعضاء.