المصدر: المدن
إحتمالات التصعيد: ماذا لو رفض حزب الله الإلتزام بالإتفاق؟
إقتصر التركيز في لبنان طوال الأيام الماضية على الجواب الرسمي الذي سيتم تقديمه للموفد الأميركي توم باراك. وقد سعى المسؤولون اللبنانيون إلى الحصول على موافقة دولية وإقليمية حول صيغة هذا الردّ، لجهة الترابط بين الموافقة على حصر السلاح بيد الدولة وامتلاكها لقرار الحرب والسلم وحدها، في مقابل المطالبة بالانسحاب الإسرائيلي ووقف الاعتداءات والخروقات. سمع لبنان من مسؤولين دوليين موافقة على هذا الجواب خصوصاً أن أحداً في الخارج لا يمكنه أن يوافق على استمرار الاحتلال الإسرائيلي. وسط هذا التركيز غاب عن بال الكثيرين الموقف الإسرائيلي وسط مخاوف كبيرة بأن لا توافق تل أبيب على كل هذه المقترحات.
استعراض الخيارات
في هذا السياق، يجري في لبنان استعراض لمختلف السيناريوهات التي قد تحصل، بما فيها رفض إسرائيل الانسحاب ووقف الخروقات، وتوجيه الضربات وتنفيذ عمليات الاغتيال بحق مسؤولين في حزب الله. وهذا لا بد من وضعه في الحسبان، مع تخوف من تحويل الاهتمام الإسرائيلي إلى جبهة لبنان في حالة وقف إطلاق النار في قطاع غزة والاتجاه إلى إبرام صفقة لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين. فإسرائيل لا تريد أن توقف كل حروبها، وخصوصاً في لبنان ومع حزب الله، طالما أن الحزب لا يزال يتمتع بقدرات عسكرية وطالما أنه لا يزال يصرّ على مبدأ المقاومة.
سيكون لبنان أمام سيناريوهين، الأول أن يكون الجواب اللبناني موحداً ومتفقاً عليه مع حزب الله أيضاً، أو يوافق عليه الحزب، ولكن عندها لا بد من السؤال عن ردة الفعل الأميركية الإسرائيلية، خصوصاً أن الحزب يطالب بالانسحاب الإسرائيلي ووقف الاعتداءات، وبعدها تتم مناقشة كل الملفات. هنا تتضارب وجهات النظر بين من يشير إلى أن التصعيد سيكون الخيار الأوحد بالنسبة إلى تل أبيب، لا سيما أن إسرائيل تعتمد سياسة التصعيد وتوجيه الضربات العسكرية خلال التفاوض للضغط أكثر على الطرف الآخر وإجباره على تقديم تنازلات.
أما السيناريو الثاني فهو أن يكون الجواب اللبناني متماهياً مع كل الضغوط الدولية ويتوافق مع ما تضمنته ورقة باراك، عندها فإن حزب الله سيكون هو الطرف الرافض للالتزام به، وسيذكر بضرورة الالتزام بالاتفاق الذي تم التوصل إليه في تشرين الفائت، ما يعني بقاء الحزب على موقفه، وهو قد يستدرج أيضاً تصعيداً إسرائيلياً. مشكلة أخرى قد تكون قائمة، وهي تتصل بالإصرار على إقرار هذا الرد في مجلس الوزراء، أو اتخاذ قرار رسمي وواضح بسحب السلاح وحصره بيد الدولة ضمن إطار زمني معين حينها سيكون الحزب في مواجهة هذا الخيار، وقد يلجأ إلى الانسحاب من الحكومة أو تصعيد تحركاته في الشارع، وهذا أيضاً بإمكانه أن يؤدي إلى المزيد من التصعيد الإسرائيلي الذي سيكون معطوفاً على أزمة سياسية عميقة.
التوافق أو التصعيد
في حال لم يتم التوصل الى توافق، فإن ذلك لن يجنب لبنان المزيد من التصعيد أو الانقسام، فإن تساؤلات كثيرة ستطرح حول ردة الفعل الإسرائيلية وسط تقديرات متعددة للجوء تل أبيب إلى التصعيد العسكري في الجنوب، الضاحية والبقاع، مع الإشارة إلى أن هناك تركيزاً أساسياً على منطقة البقاع التي تحتوي على مخازن للمسيرات والصواريخ البالستية والدقيقة، وهنا لا بد من استذكار موقف للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله قبل استشهاده أشار فيه إلى أن بعض الصواريخ الثقيلة والدقيقة أطلقت من البقاع. بعض المواقع التي تحتوي هذه الصواريخ من الصعب الوصول إليها عبر الغارات الجوية ومن الصعب تدميرها، وقد حاول الإسرائيليون ذلك ولم ينجحوا بسبب طبيعتها الجغرافية.
أمام هذا الواقع يبرز تخوف من احتمال لجوء الإسرائيليين إلى تنفيذ عمليات إنزال أو عمليات كوموندوس في بعض هذه المواقع، من بينها في البقاع، للدخول إلى مخازن هذه الصواريخ وتفكيكها بالإضافة إلى الانشغال الإسرائيلي بموقع “عماد 4” الذي كان قد كشف عنه الحزب خلال الحرب الفائتة. في هذا السياق برز الإنزال الذي نفذه الإسرائيليون قبل أيام في سوريا وتحديداً في منطقة يعفور القريبة جداً من الحدود اللبنانية، لتدمير صواريخ “أرض جو”. لا بد لهذا الإنزال أن يكون مرتبطاً بلبنان، لا سيما أن التسريبات الإسرائيلية تحدثت عن صواريخ إيرانية وعن محاولة اكتشاف عمليات تهريب مثل هذه الصواريخ. كذلك تحركت قوة إسرائيلية أخرى باتجاه قرية رخلة التابعة لمنطقة قطنا غرب دمشق، والمقابلة لبلدة يحمر اللبنانية الواقعة في البقاع الغربي، بالقرب من الشريط الحدودي، في خطوة نادرة تُعد الأولى من نوعها في هذه المنطقة. كما رصد توغلاً إسرائيلياً ثانياً، استهدف مواقع وثكنات عسكرية تتبع لـ”الفوج- 36″، كانت تُستخدم من قبل “حزب الله.