
المصدر: النهار
الأبنية الآيلة للسقوط والمتضرّرة 17 ألفاً: إهمال ومخالفات ومبانٍ متضرّرة من الحرب
مشهد انهيار المباني المتضررة سواء من الحرب أو الكوارث أو بسبب الإهمال يمثل الخطر المحدق الذي لا ينتبه له المعنيون إلا ساعة وقوع المصيبة. وتشير الإحصاءات إلى أن في لبنان أكثر من 17000 مبنى بحاجة إلى ترميم معظمها في بيروت وضواحيها. التحذيرات من خطر انهيار تلك المباني ترفعها نقابة المهندسين وكذلك جمعيات أخرى ومنها الهيئة الوطنية للعقارات.
تُمثّل المباني الآيلة للسقوط خطراً حقيقياً على السلامة العامة في ظلّ عدم وضع خطة متكاملة لتنفيذ المسح الدقيق للأضرار سواء الناتجة عن العدوان الإسرائيلي الأخير أو من سنوات الحرب وأيضاً المباني المؤجرة ولا يقوم أصحابها بترميمها لأسباب متصلة بقيمة الإيجار وأيضاً بمخالفة قانون البناء.
17 ألف مبنى مهدّد بالسقوط
يمكن تقسيم المباني المهددة بالسقوط الى قسمين، الأول يضم تلك المباني القديمة التي لم يُصَر إلى إعادة ترميمها وصيانتها، والثاني مبانٍ تضرّرت لأسباب منها الحرب أو التفجيرات أو الكوارث كالحرائق والفيضانات والهزات الأرضية.
لكن عدد المباني المهددة بالسقوط ارتفع من 16 ألفاً في صيف عام 2024 إلى 17 ألفاً بعد العدوان الإسرائيلي على لبنان وتحديداً في الفترة الممتدة من أواخر أيلول 2024 حتى تشرين الثاني من العام نفسه إضافة إلى تضرّر عدد من الأبنية من جراء الاعتداءات الإسرائيلية وخصوصاً على الضاحية الجنوبية بعد وقف إطلاق النار.
وهناك خطة تعمل عليها نقابة المهندسين للكشف على جميع المباني القديمة في كل المناطق اللبنانية لتحديد مدى مطابقتها للمواصفات الهندسية ولشروط السلامة العامة.
إلا أن أكثر من إحصاء أجري لتلك المباني من دون صدور إحصاء رسمي يحدد عدد المباني وتوزعها، وتشير بعض الإحصاءات إلى تجاوز عدد المباني المهدّدة بالسقوط 17 ألفاً معظمها ضمن بيروت الكبرى حيث تصل النسبة إلى نحو 65 في المئة، فيما تحل مدن طرابلس وصيدا وزحلة في المرتبة الثانية حيث إن ثمة نحو 4000 مبنى مهدد بالسقوط فيما ينخفض العدد إلى 800 في الجنوب والبقاع والشمال باستثناء طرابلس.
ويشير المهندس راشد سركيس إلى ضرورة وضع خطة وطنية علمية لتنفيذ المسح الشامل للأضرار الناجمة عن الحرب الإسرائيلية الاخيرة على لبنان عام 2024. وهناك أمثلة عن طريقة المسح للمباني وخصوصاً بعد عدوان تموز/ يوليو عام 2006 حيث تضرّرت آلاف المباني في لبنان، وارتفع عدد الوحدات السكنية المتضررة إلى 145 ألفاً بعد العدوان.
أما بعد كارثة انفجار مرفأ بيروت في 4 آب عام 2020 فإن أكثر من 4000 مبنى تضرّر ومنها مبانٍ قديمة العهد وكانت بحاجة إلى ترميم وتدعيم.
مبانٍ لا يرغب أصحابها في ترميمها
تشير “الهيئة الوطنية للعقارات” إلى أن غياب الصيانة الدورية للمباني وخصوصاً القديمة منها بسبب قوانين الإيجارات الاستثنائية القديمة، أو الأبنية ذات التصنيف التراثي المهملة. وتلفت إلى أن معظم الأبنية القديمة شيّدت ولم تكن معايير شروط السلامة العامة متوافرة، وحتى إن وجدت فإن التغيّر المناخي الحاصل يؤثر على جودة الاسمنت ومتانته.
في المقابل تنص المادة 18 من قانون البناء على أن “على المالكين أن يحافظوا على نظافة واجهات أبنيتهم وأجزائها الأخرى وعليهم عند الاقتضاء أن يقوموا بدهنها أو توريقها أو طرشها أو ترميمها، وإذا تمنّعوا يحق للإدارة بعد إخطارهم أن تقوم بالعمل المذكور على نفقتهم. وعندما يكون بناء أو جدران أو خلافه ينذر بالانهيار ويشكل بقاؤه خطراً ما، ولا يبادر المالك إلى القيام بواجباته إما لأنه لا يستطيع إجراء أعمال التقوية اللازمة أو لأنه يمتنع عن ذلك، يقتضي هدمه في مهلة لا تقل عن خمسة عشر يوماً ولا تزيد عن الشهرين. ويمكن للبلدية المعنية إخلاء البناء من شاغليه”.
لكن حالات إخلاء العقارات المهددة بالسقوط تكاد تكون شبه منعدمة ما خلا حالات قليلة جداً سواء في الشمال أو في بيروت الكبرى، والسبب عدم ثقة السكان بقدرة الدولة على تأمين مكان سكن جديد أو دفع بدلات تساعدهم على الانتقال إلى مكان إقامة جديد.
إلى ذلك تناشد البلديات الدولة التدخل لإيجاد حل لتلك الأزمة ولا سيما أن البلديات تعاني من ظروف مالية ولوجستية شديدة الصعوبة وخصوصاً بعد الأزمة المالية والاقتصادية الأخيرة.
وسُجل خلال العامين الماضيين انهيار مبنى في المنصورية حيث قضى 8 أشخاص وكذلك انهيار مبانٍ في الشويفات، وأدى ذلك إلى مقتل 4 أشخاص.