إقليمية
السبت ٣ أيار ٢٠٢٥ - 15:37

المصدر: Agencies

خرج من صيدنايا ليُقتل في صحنايا

أسفرت الاشتباكات خلال الأيام الماضية في منطقتي جرمانا وأشرفية صحنايا قرب العاصمة دمشق، عن مقتل العشرات من المدنيين والمسلحين المحليين، وسط تصاعد حاد في التوترات الطائفية ضد الطائفة الدرزية تحديداً، امتدت من جرمانا إلى ريف السويداء، مخلفةً مشاهد قاسية تعيد التذكير بأن سوريا تبقى دولة غير مستقرة حتى بعد سقوط نظام الأسد.
وبرزت قصص إنسانية تكشف الثمن الذي مازال السوريون يدفعونه في صراع لم ينته فعلياً رغم التحولات السياسية الأخيرة بعد سقوط نظام الأسد، فيما وثق “المرصد السوري لحقوق الإنسان” مقتل 74 شخصاً على الأقل خلال ثلاثة أيام، بينهم مدنيون، عناصر من الأمن العام، ومقاتلون محليون، وبين الأرقام والبيانات.

ومن بين الضحايا، ظهر اسم الشاب محمد نكاش، المعروف بـ”أبو باسل”، وهو مقاتل سني من أبناء داريا، فقد والده وشقيقين له خلال سنوات الثورة، وعرف بين أبناء منطقته بدماثة خلقه والتزامه. خاض معارك الحصار في داريا بشجاعة، وبقي حاضراً في خطوط المواجهة حتى النهاية زمن نظام الأسد البائد.

وسقط نكاش في الاشتباكات التي اجتاحت صحنايا، رغم أنه كان من أوائل من وقفوا ضد نظام الأسد، وتناقل ناشطون قصته كدليل صارخ على أن العنف المتجدد في سوريا لا يفرق بين معارض ومؤيد، وأن الخسارة أصبحت قدراً جماعياً يتقاسمه السوريون، مهما اختلفت مواقعهم.

كما قتل الشاب الدرزي يزن بالي، وهو طالب في كلية الهندسة، وتتمثل مأساته في أنه خرج من سجن صيدنايا في كانون الأول/ديسمبر الماضي عقب سقوط نظام الأسد، بعد اعتقال دام سنوات بسبب مواقفه المناهضة للنظام، ولم يمضِ وقت طويل على خروجه حتى سقط برصاص العنف المتجدد، في بلد ظن أنه أصبح حراً.

ونقل أحد الناشطين من دمشق شهادة أحد أصدقائه من أبناء أشرفية صحنايا يدعى “أبو وجدي”، وهو رجل دين معروف كان يستخدم سيارته لإسعاف المصابين خلال مظاهرات داريا بداية الثورة السورية. وتحدث الناشط عن قلقه بعد أحداث صحنايا، ما دفعه إلى التواصل مع صديقه للاطمئنان عليه بعد أكثر من 12 عاماً من الانقطاع، فأجابه: “قنصولي ابني يا دكتور”، في تعبير مختصر لوجع أب فقد ابنه في الاشتباكات الأخيرة.
ونظم سوريون وقفة احتجاجية في العاصمة الألمانية برلين، للتنديد بالعنف الحاصل في ريف دمشق والسويداء، ورفضاً للخطاب الطائفي الذي تغذيه أطراف داخلية وخارجية، ورفع المحتجون لافتات بلغات عديدة، وأرسلوا رسائل إلى مؤسسات دولية وأوروبية للمطالبة بحماية المدنيين ومحاسبة المتورطين في تأجيج الصراع، مؤكدين تمسكهم بدولة القانون والمواطنة.