متناقضان، استشارات وملزمة
متناقضان، استشارات وملزمة
لم تحل دستورياً الاشكالية التي وقعت سابقاً بين الرئيس اميل لحود والرئيس رفيق الحريري عندما فوّض 31 نائباً الرئيس اميل لحود بتسمية من يشاء لرئاسة أول حكومة في عهده. من هنا يطرح السؤال هل يصحّ التفويض؟
لا يمكن بسهولة الاجابة بنعم أو لا، لكن يمكن الوصول الى نتيجة عن طريق الاستنتاج.
في الشكل أولاً نحن أمام تعبيرين متناقضين، فكيف تكون استشارات وملزمة في آن.
السؤال الآخر هل الاستشارات هي عملية انتخابية أم لا؟
أولاً إن كلمة استشارات لوحدها تسقط فكرة الانتخاب، وبالتالي لا يمكن إعمال نص المادة ٤٥ من الدستور في هذه الحالة التي تمنع على النواب التصويت وكالة. فالتصويت صلاحية لصيقة أما الاستشارات فصلاحية مشتركة ومتبادلة بين شخصين أو أكثر.
ثانياً إن توصيف الاستشارات النيابية بالملزمة ووجوب إطلاع رئيس المجلس النيابي رسمياً على نتائجها وفق نصّ الفقرة الثانية من المادة 53 من الدستور، يجعل منها أقرب الى عملية انتخاب رئيس الحكومة لالزامية نتائجها بخلاف استشارات التأليف، خاصة وأن محاضر اتفاق الطائف تشير الى طرح فكرة انتخاب رئيس الحكومة في مجلس النواب. هنا يمكن الاستئناس بنص المادة ٤٥ من الدستور التي لا تميّز بين التصويت على قانون في جلسة تشريعية أو التصويت على من سيكلف برئاسة الحكومة عملاً بالقاعدة الدستورية: “لا تمييز حيث لم يُميّز المشترع”.
ثالثاً ليس سليماً أن يفوض نائب منتخب من الشعب رئيس الجمهورية وهو منتخب فقط من النواب بأن يختار عنه رئيس الحكومة، فالثقة التي منحها الناخب هي ثقة لصيقة بالنائب شخصياً بأن ينوب عنه بكل الأعمال التي أسندها اليه الدستور ومنها التكليف، لا أن يتنازل عن هذا الحق وكالة أو تفويضاً، حتى ولو كان الوكيل رئيس الجمهورية، خاصة وأن التفويض هو على بياض.
بعد استعراض المنطق والمنطق المضاد، واذا سلمنا جدلاً بأن لا مخالفة دستورية في التفويض، وبأن لا موانع من أن يجيّر رئيس الجمهورية العدد الناتج عن تفويضه لمصلحة من يرغب بتكليفه، لكن يبقى الحل الأمثل، وطالما أنها استشارات، أن يسأل النائب أو الكتلة صراحة رئيس الجمهورية عن رغبته، ويسمّي من يرغب به اذا اقتنع به، لا أن يعطيه تفويضاً على بياض.